فنانة بصح فنيانة صــــــــــــاحبة المنتدى
نقاط : 1587 01/07/2011 28
| موضوع: لله مافي السموات وما في الأرض السبت يونيو 01, 2013 12:55 pm | |
| لله مافي السموات وما في الأرضلله ما في السموات وما في الأرض
في زمن تنامى فيه عدد الملحدين من أبناء الموحدين، حري بنا أن نتلفت بحثا عن الأسباب، وسعيا في إيجاد الدواء، والقرآن شفاء، يشفي أمراض القلوب ويجلي الغشاوة عن الأعين، فنحتاج إليه في كشف الغطاء، وتنوير البصائر ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة. يقول تعالى (لله ما في السماوات وما في الأرض) كم في هذا التعبير وهذا التأصيل من فوائد لو تأملناها، وفهمناها وعملنا بما تقتضيه وتدل عليه. فمن مقاصدها ومدلولاتها التوحيد بكل أقسامه، فالملك الحق للسماوات والأرض وما فيهن هو المستحق للعبادة وحده، كما انفرد بالملك وحده. فمن ذا غيره يملك السماوات والأرض؟ ومن ذا غيره له ما بينهما؟ (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لله! قل أفلا تذكرون؟ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟ سيقولون لله! قل أفلا تتقون؟ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون! سيقولون لله! قل فأنى تسحرون؟). فتأمل معناها، ينكشف لك الحجاب عن مبناها، وتدلك على أن المالك للسماوات والأرض وما فيهن هو الحقيق بأن ترفع إليه الحاجات، وهو القادر على أن ينفعك أو يضرك، والقادر على أن يخفضك أو يرفعك. فاستحق توحيد العبادة كل الاستحقاق. ثم إن ثبات الملكية للسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما لله تعالى كاشف، معلن بأن كل ما سواه فهو له، ملكه، عبده، مفتقر إليه في كل لحظاته وسكناته، في كل نفس يخرج من جوفه أو يدخل إليه. والعبودية لله تعالى تخرجك أيها الفقير من عبودية غيره، وتعطيك الحرية الحقيقية من رق الهوى والنفس وشياطين الإنس والجن. ومن مدلولات الآية توحيد الأسماء والصفات، فالملك لهذا الكون بكل تفاصيله وأجرامه وبروجه، المتصرف فيه على هذا الوجه من الدقة والإحكام لا بد أن يكون قادرا عليما حكيما قويا عزيزا، إلى آخر صفات الكمال المتصف بها جل جلاله إذ إن الكون وما فيه دليل وحدانيته وتفرده بالأسماء الحسنى والصفات العلى قال إبراهيم (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين). ومن مدلولات الآية تحقيق الخوف والرجاء، فالخوف من الملك لكل شيء القادر على كل شيء ورجاؤه ثمرة للمعرفة واليقين بأنه مالك السماوات والأرض وما فيهن، وهذا الضعيف المتفكر في ذلك جزء لا يكاد يعلم به أحد من أهل الأرض، ملك للملك الحق المبين. والملك لكل ذلك يطمع فيه أهل الفقر والضعف، ويخافه أهل الغفلة والذنوب، فيتحقق بالإيمان بذلك الملك خوفه ورجاؤه. ومن ثمرات الآية معنى لو تأملته لحمدت أثره، وكسى ذهنك حبره، فمتى علمت أن (لله ما في السماوات وما في الأرض) لم يدخل الحسد قلبك، فالملك لله وحده يعطي ويمنع ، فمن أعطاه الله شيئا فمن ملكه، ومن منعه الله شيئا فمن ملكه ولست على ما في يد الله قادرا، وهذا من أنجع الأدوية للحسد إذ إن الحسد مبني على الاعتراض على حكمة الله تعالى في المنع والعطاء. وعلى العكس من ذلك، فالآية حاثة على الكرم والسخاء، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وما ذلك العطاء منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا لأنه يوقن بأن (لله ما في السماوات وما في الأرض) وأن خزائنه ملأى لا تغيضها النفقة، فينفق عبدُالملك ولا يخشى من ذي العرش إقلالا. ومن مدلولات الآية أن الحكيم المدبر لهذا الكون لم يخلقه عبثا، ولن يتركه سدى فإليه المرجع والمعاد، ويوما ما ستمضي الخلائق إليه، وستقف بين يديه فالمالك للسماوات والأرض المتصرف فيهما كيف يشاء حكيم عليم، والحكمة تقتضي الجزاء، فمن أخطأ عوقب، ومن أحسن فقد تعرض للثناء، ولما كان الناس في دنياهم يتظالمون، ويعرض بعضهم عن ربه، وبه يكفرون ثم يموتون فكان من مقتضى الحكمة أن يجعل لهم موعدا فيه يختصمون وتعرض أعمالهم ويتحاكمون ، فدلت الآية ضمنا، على يوم البعث (وأن الساعة آتية لا ريب فيها، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون). فمن ملك الكون كله، ودبره وصرفه، ودل الكون على وحدانيته، لا بد أن يجمع ا لناس ليوم يتناصفون فيه، فيأخذ الحق ممن بغى لمن بغي عليه (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين). ومن مدلولات الآية الإيمان بالرسل، وتصديقهم، والعمل بما جاؤوا به من شرائع فالمالك لا بد أن يتعرف على عبيده، وأن يعرفهم كيف يعبدونه، وكيف يوحدونه وماذا يريد منهم، وماذا يكره منهم، فيعملون بمقتضى إرادته، عملا وتركا وليس ذلك إلا عن طريق الرسل، فدلت الآية على حاجة الناس ضرورة إليهم وإلى من ينوب عنهم من العلماء الربانيين، والأئمة المصلحين. فسبحانه من مليك مقتدر، له ما في السموات وما فيالأرض وله الملك يوم ينفخ في الصور، عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير | |
|